لأول مرة في العراق كسرت نساء الحواجز الاجتماعية وبدأن في العمل، إحداهن كمديرة لمقهى في بغداد وأخريات كنادلات.
وتقول هند البديري إنه لسنوات طاردها حلم امتلاك مقهى تكون جميع العاملات به نادلات.
لكنها لو كانت تجرأت وأقدمت على هذا لكان المتشددون الإسلاميون ذبحوها هي وموظفاتها على الأرجح. أما الآن ومع تراجع العنف والميليشيات المتشددة والمسلحين الذين كانوا ينشرون الرعب ذات يوم عبر قتل النساء اللاتي كانت ملابسهن تعتبر غير لائقة فقد أصبح حلم هند حقيقة. وقالت هند، وهي صحافية أيضا لوكالة «رويترز»: «أنا أشجع كل امرأة كي نغير نمط المجتمع العراقي». وتابعت «العراق بدأ يتطور والأفكار تتطور».
ويقع المقهى في الطابق السادس بفندق في وسط بغداد، ويتمتع بإطلالة على نهر دجلة، الذي يتدفق عبر قلب العاصمة العراقية. ومعظم الزبائن عائلات أو أزواج. ويسمح بدخول الرجال بشرط التزامهم بقواعد اللياقة. وإذا غازل رجل نادلة يطلب منه بهدوء المغادرة وعدم العودة إلى المقهى أبدا.
وتتذكر هند البديري حين طرحت لأول مرة فكرة إدارة مقهى لا تعمل فيه إلا نادلات حذرها كثيرون من أنها تبحث عن المتاعب. وأضافت «قالوا لي سوف تحاربين من قبل الجهات المتطرفة، فلذلك أجلت الفكرة».
والآن بعد مرور أربع سنوات تعمل حفنة من النساء نادلات بالمقهى الذي افتتح مؤخرا، ويقلن إنهن سعيدات بالحصول على عمل في البلاد التي تبلغ النسبة الرسمية للبطالة بها 18 في المائة، لكن من المعتقد أن النسبة الحقيقية هي 30 في المائة أو أكثر.
وتتفق رئيسة النادلات عزة البغدادي مع هند البديري في رؤيتها بتحدي الأعراف السائدة في المجتمع العراقي الذي يهيمن عليه الذكور. وقالت: «نريد أن نكسر الحاجز الذي يقول هناك فرق بين الرجل والمرأة وفعلا كسرنا هذا الحاجز».
وفي زاوية هادئة من المقهى جلس رجل وامرأة يحتسيان الشاي ويتجاذبان أطراف الحديث. وقالا إنهما سعيدان بأن وجود عراق جديد يعني أيضا تطبيق أفكار جديدة. وقالت نور علي «هذه ثاني مرة نأتي فيها إلى هنا... نحن أحببناه بسبب هدوئه والتصميم، والفتيات هنا جدا لطيفات». وأضافت «نحن سميناه إمبراطورية نساء».
وتقول هند البديري إنه ليس نهاية حلمها. وتطمح إلى افتتاح المزيد من المقاهي التي تديرها النساء في محافظات أخرى. وأضافت «أنا أتمنى أن يخوض كثير مثلي هذه المشاريع».